[b]ألا للّهِ أنتَ متى تَتُوبُ * وقد صبَغَتْ ذَوائِبَكَ الخُطوبُ
كأنّكَ لَستَ تَعلَمُ أي حَثٍّ * يَحُثّ بكَ الشّروقُ كما الغُروبُ
ألَسْتَ تَراكَ كلّ صَباحِ يَوْمٍ * تُقابِلُ وَجْهَ نائِبَةٍ تَنُوبُ
لَعَمْرُكَ ما تَهُبّ الرّيحُ * إلاّ نَعاكَ مُصَرحاً ذاكَ الـهُبُوبُ
ألا للّهِ أنْتَ فَتًى وكَهْلاً * تَلُوحُ على مَفارِقِكَ الذّنُوبُ
هوَ المَوْت الذي لا بُدّ منْهُ * فلا يَلعَبْ بكَ الـأمَلُ الكَذوبُ
وكيفَ تريدُ أنْ تُدعى حَكيماً * وأنتَ لكُلّ ما تَهوَى رَكُوبُ
وتُصْبِحُ ضاحِكاً ظَهراً لبَطن * وتَذكُرُ ما اجتَرَمتَ فلا تذوبُ
أراكَ تَغيبُ ثمّ تَؤوبُ يَوْماً * وتُوشِكُ أن تَغيبَ ولا تَؤوبُ
أتَطْلُبُ صاحِباً لا عَيبَ فيهِ * وأيّ النّاسِ ليَسَ لَهُ عُيُوبُ
رأيتُ النّاسَ صاحِبُهمْ قَليل * وهُمْ واللّهُ مَحمودٌضُرُوبُ
ولَسْتُ مُسَمّياً بَشَراً وَهُوباً * ولَكِنّ الإلَهَ هوَ الوَهُوبُ
وقال ايضا
مَنْ عَرَفَ الدّهرَ لم يَزَلْ حذِراً * يَحْذَرُ شِدّاتِهِ ويَرْتَقِبُ
مَنْ لَزِمَ الحِقْدَ لم يَزَلْ كَمِداً * تُغرِقُه في بُحُورِها الكُرَبُ
المَرْءُ مُستَأنِسٌ بمَنْزِلَةٍ * تُقْتَلُ سُكّانُها وتُستَلَبُ
والمَرْءُ في لَهُوِهِ وباطِلِهِ * والمَوْتُ في كلّ ذاكَ مُقْتَرِبُ
يا خائِفَ المَوْتِ زالَ عَنكَ صِباً * والعُجْبُ واللّهْوُ مِنكَ واللّعِبُ
دارُكَ تَنعَى إلَيكَ ساكِنَهَا * قَصرُكَ تُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ
يا جامِعَ المالِ مُنذُ كانَ * غَداً يأتي عَلى ما جَمَعْتَهُ الحَربُ
وقال ايضا
زُغْ كيفَ شئتَ عن البِلى * فلـه على كلّ ابنِ أُنثى حافِظٌ ورقيبُ
كيف اغتَرَرْتَ بصرْفِ دهرِك يا أخي * كيفَ اغتَرَرْتَ بهِ وأنتَ لَبيبُ
ولقَد حَلَبتَ الدّهرَ أشطُرَ دَرّهِ * حِقَباً وأنتَ مُجربٌ وأريبُ
والمَوْتُ يَرْتْصِد النّفوسَ وكلّنا * للمَوْتِ فيهِ وللتّرابِ نَصِيبُ
إن كنتَ لستَ تُنيبُ إن وَثَبَ البِلى * بلْ يا أُخيَّ متى أراكَ تُنيبُ
للّهِ دَرُّكَ عائباً مُتَسَرّعاً * أيَعيبُ مَنْ هوَ بالعيوبِ مَعيبُ
ولقد عَجِبتُ لغَفلَتي ولغِرّتي * والمَوتَ يَدعوني غداً فأجيبُ
ولقد عَجِبْتُ لطولِ وقتِ منيّتي * ولـهَا إليّ تَوَثّبٌ ودَبِيبُ
للّهِ عَقليَ ما يَزالُ يَخُونُني * ولقَدْ أراهُ وإنّهُ لَصَليبُ
للّهِ أيّامٌ نَعِمْتُ بلينِها أيّامَ لي * غُصْنُ الشّبابِ رَطيبُ
إنّ الشّباب لنافِقٌ عندَ الوَرَى * مَا للمَشيبِ مُخادِنٌ وحَبيبُ
وقال ايضا
يَهرُبُ المَرْءُ منَ المَوْتِ * وهلْ يَنفَعُ المَرْءَ منَ المَوْتِ الـهَرَبْ
كُلُّ نَفْسٍ سَتُقاسي مَرّةً كُرَبَ * الموْتِ فللموْتِ كُرَبْ
أيّها ذا النّاسُ ما حَلّ بكُمْ * عجَباً من سهوِكم كلَّ العجبْ!
وسَقَامٌ ثمّ مَوْتٌ نازِلٌ * ثمّ قَبرٌ ونُزُولٌ وجَلَبْ
وحِسابٌ وكتابٌ حافِظٌ * ومَوازِينٌ ونارٌ تَلتَهِبْ
وصِراطٌ مَن يَقعْ عن حَدِّهِ * فإلى خِزْيٍ طوَيلٍ ونَصَبْ
حَسْبيَ اللـهُ إلَهاً عادِلاً * لا لَعَمْرُ اللـهِ ما ذا بِلَعِبْ